الثقافية - علي بن سعد القحطاني:
لم تعد اللغة العربية شأنًا تعليميًا أو ثقافيًا محدودًا، بل أصبحت قضية تمسّ الهوية والوعي والسيادة الثقافية في عالم تتسارع فيه التحولات التقنية وتتوسع فيه هيمنة اللغات الأجنبية داخل التعليم والإعلام وسوق العمل، وبين الخطاب الاحتفالي والممارسة الواقعية، تتكشف فجوة تستدعي قراءة تحليلية تنطلق من الخبرة الميدانية والتجربة المؤسسية.
في هذا اللقاء مع «الثقافية»، يتحدث الدكتور علي بن عبد الله بن موسى، الأمين العام للجمعية الدولية للغة العربية، عن مسيرته في خدمة اللغة العربية، بدءًا من تجربته في تدريس العربية للناطقين بغيرها في جامعة نيويورك بمدينة بَفلو، حيث تحولت اللغة إلى أداة لفهم الثقافة العربية وتاريخها وتصحيح كثير من الصور النمطية، وصولًا إلى العمل الدولي الهادف إلى تعزيز حضور العربية بوصفها لغة معرفة وإنتاج فكري.
يتناول الحوار واقع العربية في المؤسسات التعليمية والإعلامية، وأسباب غياب السياسات اللغوية الواضحة، وجدلية سنّ القوانين مقابل بناء الوعي المجتمعي، ودور الإعلام في تقديم لغة وسيطة سليمة قادرة على الوصول إلى الجمهور، كما يناقش التحديات التي يفرضها المحتوى الرقمي على الطفل العربي، وتجربته في العمل الثقافي العربي المشترك، ورؤيته لمسار اليوم العالمي للغة العربية بين الفكرة والتطبيق.
جامعة نيويورك
درّستم العربية للناطقين بغيرها في جامعة نيويورك ببفلو لعامين؛ ما الدروس التربوية والثقافية التي خرجتم بها من تلك التجربة، وكيف أسهم الاحتكاك بالبيئة الأكاديمية الأميركية في تشكيل رؤيتكم اللاحقة لمشاريع خدمة اللغة العربية وتعزيز حضورها دوليّاً؟»
لقد دعيت من قبل مدير قسم اللغات الأجنبية لتدريس مقررات اللغة العربية في الجامعة مع بعض العرب الآخرين، ولكن وجدت الكتاب المقرر لا يصلح وطلبت منهم أن أضع منهجا للمقرر وتمت الموافقة، وبدأت التدريس بطريقة جديدة بحكم خبرتي الطويلة في التدريس، وقد لقيت المقررات التي أدرسها إقبالا كبيرًا، ونتج عنها ارتفاع للطلب على تعلم اللغة العربية، حتى أن أحد الأحياء اليمينة في مدينة بفلوا نيويورك تقدموا بطلب للجامعة لتعليم اللغة العربية للمجتمع اليميني، وأيضا تلقيت دعوات من بعض المدارس الأمريكية التابعة لبعض الكنائس في بفلو للتعريف بالثقافة العربية، وكانت مصدر اهتمام كبير، وقد تعاونت مع الجمعية الأمريكية للمدارس المعنية بتعليم اللغة العربية، يعد الاهتمام باللغة العربية نتيجة للوضع السياسي في المنطقة العربية، وقد نتج عن تدريسي للغة العربية وجود اهتمام من الطلاب بمواصلة الدراسة العربية، إضافة إلى فهمهم للإسلام بطريقة صحيحة بعيدًا عن الموسوعات والكتب المكتوبة من قبل مؤلفين غربيين وعرب معادين للإسلام والعرب، خاصة وأننا نتحدث بلغة علمية نقدية مقارنة، وقد تم إيضاح أهمية المسيحية واليهودية والأنبياء والرسل ومريم في الإسلام، وهم كانوا يعتقدون بأن المسلمين يكرهون عيسى وموسى وكتبهما. وقد وجد هذا الفهم الجديد اهتماما باللغة العربية وتاريخها وعلاقتها بالعلوم والمعارف والفنون المختلفة. وبناء على هذا الحراك وجدت أن اللغة العربية تشكل واحدة من أهم وسائل التواصل الثقافي مع الغرب وأن تعلمهم لها سوف يسمح لهم بالوصول للمصادر الأصلية الأولية عن العرب والمسلمين ويؤثر على رؤيتهم وفهم للعرب والمسلمين، ولهذا حملت هم اللغة العربية الناتج عن فهمي لأهمية اللغة في حياة الأمم والشعوب وخاصة بعد دراستي لمقررات في الاستعمار وكيف يحارب الاستعمار ولنقل الاحتلال اللغة العربية في الدول الإسلامية والعربية، ومن هنا قررت أن أسهم مع غيري في خدمة اللغة العربية واستنهاض الهمم لرفع مستوى الوعي باللغة من منظور علمي وبحثي ودولي وتاريخي. وبعد عودتي للوطن بدأت التفكير في تقديم المبادرات تلو الأخرى حتى أسست المجلس الدولي للغة العربية وأطلقنا أول نداء عالمي للتذكير بعالمية اللغة العربية ومكانتها الكونية والعالمية والمستقبلية في ظل المتغيرات التقنية والصناعية والتجارية والسياسية والتعليمية وغيرها.
المجلس الدولي للغة العربية
من موقعكم في المجلس الدولي للغة العربية، كيف ترون واقع العربية في المؤسسات التعليمية والإعلامية؟ وهل تكمن الحاجة اليوم في سنّ «قانونٍ للغة العربية» يحفظ حضورها، أم في تغييرٍ أعمق لثقافة المجتمع واتجاهاته اللغوية؟
لقد شاركت في حلقة نقاش في عدد من مجالس الشورى والبرلمانات العربية، وخاصة في المغرب، والإمارات والسعودية، وقدمنا مقترحات حول هذه القضية. وبكل مسؤولية ومهنية وحياد، العربية تعاني من أزمة خانقة في الدول العربية جميعها، وأهم حل لها هو الإرادة السياسية وتوجه القيادات العربية وشعورها بخطورة تراجع اللغة الوطنية على حساب اللغة الأجنبية التي تنافس العربية في عقول وألسنة وحياة المواطنين، فاللغة الوطنية ليست مسألة قراءة ودراسة وسوق عمل، هي مسألة هوية وسيادة واستقلال ووحدة وطنية وثوابت ومرجعيات وإعادة إنتاج المجتمع وإعداد المواطن الصالح، الذي يحمل الهوية الوطنية التي تنمي فيه شخصية الولاء والانتماء للوطن وللقادة ومنظومة القيم والتقاليد والأعراف والتاريخ والرموز التاريخية والوطنية، وتعلم الأجنبية ليس عيباًا ولكن ليس على حساب اللغة الوطنية في كل دول العالم، ولكن للأمانة العلمية لا يمكن لأي دولة مستقلة تحترم سيادتها على عقول وسلوك وانتماء وولاء مواطنيها أن تستخدم اللغة الأجنبية لبناء المواطن الصالح، لأنه سيكون انتماؤه وولاؤه للفكر والثقافة التي تنتجها اللغة الأجنبية، وسوف تشكل مصدر تهديد أمني وثقافي وفكري بل وسياسي للدول العربية لأنها تؤسس لمصطلحات ومفاهيم وقيم غربية مرتبطة بدول ومنظمات أجنبية تستغل ضعف الموطن بلغته وربطه بثقافتها وقيمها بل وأنظمتها ويصبح يعيش في تبعية للغة الأجنبية والمؤسسات التي تمثلها، وسوف يربط تلك المؤسسات والوسائل الإعلامية والتوجيهية التي تتعارض مع المصالح الوطنية، وقد تتشكل من خلال ذلك قوى مؤثرة مرتبطة بقوى ومصالح أجنبية تطالب بتغييرات محلية ووطنية ومؤذية للحكومات والدول والمجتمعات، والمشهد العالمي واضح واللغة الأجنبية جزء من أدوات الحروب العالمية، ويكفي أن نسع ما يقوله مثل الصحفي والإعلامي والمفكر البلجيكي ميشيل كولون Michel collon في المواقع الرقمية عن اللغة وأثرها في الحروب.
ولهذا فإن القرار السياسي المبني على دراسة ميدانية عن خطورة تراجع اللغة العربية في البيت والمدرسة والجامعة وسوق العمل والإعلام والتقنية الحديثة مقارنة باللغات الأجنبية، سوف يؤدي إلى اتخاذ قرار بسن نظام للسياسات اللغوية في المملكة العربية السعودية مرتبط بأدوات تنفيذية وعقابية، لأن المملكة العربية السعودية وحدها من يتحمل مسؤولية المحافظة على اللغة العربية ونشرها في العالم لأنها مهد العربية ومهد الإسلام، وهي وريثة الأنبياء والرسل، وفيها أول بيت وضع للناس، ونزل فيها آخر كتاب سماوي وآخر رسول وهي قبلة المسلمين، ويهذا تتميز السعودية عن غيرها من الدول، لأنها دولة ترتبط جذورها ببداية خلق الإنسان ووجود أول بيت للعبادة في الأرض، وهذا شرف عظيم يعلو ولا يعلى عليه. وهذا التوجه للدول التي تهتم بسيادتها وريادتها ومسؤوليتها تجاه لغتها، وهذا ما قام به الرئيس الأمريكي ترامب الذي أصد مرسومًا رئاسيًا يجعل اللغة الإنجليزية وحدها لغة الدولة.
مؤسسة الفكر العربي واللغة العربية
كنتم أوّل من تسلّم ملفّ مؤسسة الفكر العربي قبل أن تتولّوا منصب الأمين العام المساعد؛ كيف تستعيدون ملامح تلك المرحلة التأسيسية، وما أبرز المشاريع التي شاركتم في بنائها خلال ثماني سنوات من العمل داخل المؤسسة، ولا سيما ما يتعلق بخدمة اللغة العربية وتعزيز حضورها؟
تشرفت بأن كنت أول من كلف بتسلم ملف مؤسسة الفكر العربي والعمل مع صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، هذا الرجل الجامعة، وتعلمت على يديه الكثير والكثير، وقد شهدت المرحلة التأسيسية الكثير من التحديات، وأولها وقوع حادث الحادي عشر من سبتمبر، وقد رأى الشركاء عدم تأسيس المؤسسة نتيجة تلك الأحداث، ولكن سموه أصر على تأسيسها وقال: «هذا وقتها». وفعلا كان لسمو الأميرخالد الفيصل الفضل في فتح النقاش والتواصل بين صناع القرار والمفكرين في الدول العربية، وقد لحقت به الدول بعد ذلك وفي مقدمها جامعة الدول العربية، وقد حرصت المؤسسة خلال فترة عملي فيها مع سمو الأمير على القضايا والموضوعات التي تعزز الهوية والتضامن والتكامل العربي والوحدة الوطنية في كل دولة عربية، وفهم الآخر وتوجهاته وسياساته المختلفة التي تستهدف العرب والمسلمين، وقدمت المؤسسة مشاريع متنوعة ومنها مؤتمر في الترجمة ومؤتمر في التعليم وأيضا قدمت تقارير عن اللغة العربية.
غياب السياسات اللغوية الواضحة
يرى كثيرون أن غياب السياسات اللغوية الواضحة هو الخطر الأكبر الذي يواجه العربية اليوم، إذ لا ينعكس حضور اللغة في المدارس والجامعات كما ينبغي. وقد أدّت ازدواجية التدريس إلى فجوات معرفية وفرص غير متكافئة بين المتعلمين، كيف يمكن تفسير هذا القصور، وما الخطوات الكفيلة بإعادة العربية إلى موقعها الطبيعي في مؤسسات التعليم والثقافة؟
لا يمكن أن تكون اللغة الأجنبية وسيلة لبناء المواطن الصالح، وباختصار كل من تخرج من المدارس الحكومية والجامعات الوطنية، وابتعثوا للخارج في مختلف التخصصات لم يكونوا يعرفون اللغة الأجنبية، وتعلموها في الدول التي ابتعثوا إليها، وتمكنوا من تعلمها في سنة، ثم واصلوا دراستهم العليا الماجستير والدكتوراه ونافسوا أبناء تلك الدول بلغاتهم، فلم يكن تعلم اللغة الأجنبية حاجزًا كبيرًا، ولكن المهم هو أن اللغة الأجنبية قسمت المجتمع وأضعفت الطالب في اللغتين، وأقولها بشهادة الأطباء وهم النخبة الذين تخرجوا من جامعاتنا ويعملون في مستشفياتنا أنهم ضعفاء في اللغة الأجنبية وأن اللغة التي تعلموا بها كانت مبنية على الترجمة للعربية للفهم والاستيعاب، ولو اختبرنا اليوم أساتذة اللغات الأجنبية في دولنا العربية في اللغة الأجنبية التي يدرسونها لرسب أغلبهم، فكيف بمكن يدرس باللغة الأجنبية وهو لا يعرف منها إلا الشيء اليسير من مفردات وجمل للتواصل وليس للتفكير والإبداع والإنتاج باللغة الأجنبية، ولهذا لا يمكن أن ننجح في تعليمنا ولا في أعمالنا باللغة الأجنبية ونضيع لغتنا الوطنية التي يمكننا الإبداع والابتكار بها، ونحن نتسبب في ضعفها وتراجعها لعم استخدامها، وكل من يلوم اللغة العربية بأنها ليست لغة العلم، ابحثوا عن سيرته الذاتية ولن تجدوا فيها ما يدل على تواصله العلمي والبحث باللغة الأجنبية. وأنا مسؤول عن هذا. واللغة العربية عرفت العلوم بمختلف تخصصاتها قبل اللغات الأجنبية الحديثة التي لا يزيد عمرها عن مئات السنيين مقابل لغة حملت للعام كل مسببات النهضة والتقدم والتطور منذ أكثر من ألف وخمسمئة عام، ولهذا لا بد من سياسة حكومية برعاية قيادة الدولة لمعالجة مشكلة اللغة العربية واللغات الأجنبية، بعيدًا عن الضغوط الخارجية وأصحاب المصالح في الجامعات والمدارس الخاصة الربحية وأيضًا الجامعات الحكومية التي تسير في نفس الاتجاه، وقد عقدنا مؤتمرًا مهماً عن السياسات اللغوية بالتعاون مع جامعة الدول العربية https://languagepolicies.org والبرلمان العربي لبحث مسألة السياسات اللغوية، ومن ضمنها قانون اللغة العربية الذي تم اعتماد من قبل البرلمان ومن مجالس الشورى والبرلمانات العربية.
«اللغة البيضاء» في الإعلام
تحدّثتم عن «اللغة البيضاء» أو «اللغة الوسيطة» في الإعلام... هل يمكن أن تكون هذه اللغة جسرًا فعّالًا بين الفصحى المعيارية واللهجات اليومية، خصوصًا في الإعلام المرئي والمسموع؟
للأسف أن لغة التعليم في المدارس والجامعات العربية عبارة عن لهجات عامية محلية وأجنبية، ولا ترقى لمستوى اللغة الإعلامية، وهي أقل من لغة الإعلام، فْالإعلام لديه مدققون ومحررون، ولهذا يقدم لنا لغة سليمة من الأخطاء اللغوية، مقروءة ومفهومة عند الغالبية العظمى من المتحدثين بالعربية من الناطقين بها وبغيرها، بينما لغة المتخصصين في اللغة العربية والمفكرين وشعراء الفصحى والمبدعين تكون أكثر جودة، ونحن لا نطالب بلغة شعراء الفصحى، ولا لغة المتخصصين، ولكن بلغة سليمة وصحيحة في قواعدها فكل لغة لها نظام لغوي تبنى عليه، يعلم الناس الكتابة والنطق والقراءة بشكل سليم وصحيح، وهذا هو المطلوب من كل المعلمين والأساتذة في جميع التخصصات، وهو أمر سهل جدًا إذا ابتعدنا عن الخوف والتهرب من المسؤولية اللغوية في مؤسساتنا الحكومية والأهلية وغيرها، وخاصة الأسرة ثم الأسرة ثم الأسرة، التي اعتبرها مصدر ضعف اللغة العربية لاهتمامها باللغة الأجنبية لأجل الوظيفة على حساب قضايا وموضوعات أكبر من مسألة الوظيفة، وقد نظمنا ندوة متخصصة عن الأمن الوطني واللغوي في الدول العربية، وشارك فيها وزارة لداخلية السعودية وجامعة نايف للعلوم ألأمنية ومجلس وزراء الداخلية العرب، ونتجت عن المؤتمر «الوثيقة العربية للأمن الوطني واللغوي». وهي منشورة وقدمت حلولاً عملية لمواجهة هذه التحديات، وهي منشورة لمن يرغب الاطلاع عليها والاستفادة منها.
المحتوى العربي الموجّه للأطفال
في ظل اندفاع الأطفال نحو الأجهزة الذكية، كيف تقيمون واقع المحتوى العربي الموجّه للطفل في القنوات والمنصات والألعاب الإلكترونية؟ وأين تقفون من مسؤولية الإعلام العربي في سدّ هذه الفجوة؟
الوضع سيئ للغاية، وسوف يتحول الأطفال إلى أدوات للآخر، فهو من ينتج كل التقنيات وهو من يضع المحتوى، ولهذا كل إناء بما فيه ينضح. المالكون للتقنية وفي أولهم بل قيتس (Bill Gates) يمنع أولاده من الأجهزة الذكية، وكفى أن يكون عارفًا بما لا نعرف. والواجب سن قوانين وتوعية للحد من استخدام التقنية كل مكان، ومن بيعها وأكثر من ذلك حماية الأطفال من المواقع المختلفة التي تعمل على استمالتهم وتوجيهم وغسل أدمغتهم وتجييشهم لمصالحه المختلفة.
جمعية عالمية لأقسام اللغة العربية
أسستم من خلال المؤتمر جمعية عالمية لأقسام اللغة العربية؛ ما أبرز الملفات التي تنتظر هذه الجمعية؟ وهل تتوقعون أن تنجح في توحيد الحدّ الأدنى من المعايير والخطط الدراسية للعربية؟
لاحظنا أن هناك مشكلات تواجه أقسام اللغة العربية للناطقين بها وبغيرها في المناهج والمقررات والمراجع والخطط الدراسية وفي محاولة الكثيرين المسؤولين في الجامعات العربية، وللأسف، من أضعاف أقسام اللغة العربية وإقفالها، ولهذا أتت هذه الجمعية لتعزيز الأقسام وتعمل على تدريب وتأهيل الأساتذة ونقل المعرفة وتبادل الخيرات والتجارب، والاعتماد الأكاديمي والتواصل العلمي بين الأقسام والأساتذة وخاصة في مجالات تبادل الأساتذة والطلاب والإشراف على طلاب الدراسات العليا، والتعاون في مجالات البحث العلمي وغيرها من المسؤوليات المناطة بأقسام اللغة العربية.
اليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر
يأتي اليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر بوصفه فرصة لإعادة التأمل في موقع العربية ودورها في حياتنا المعاصرة، كيف تنظرون إلى قيمة هذا اليوم في تعزيز الوعي اللغوي عربيًا؟
فكرة اليوم العالمي للغة العربية انطلقت من وثيقة بيروت التي أنتجها المؤتمر الدولي الأول للغة العربية في بيروت بتاريخ 19 – 22 مارس 2012م، وقد شارك معنا ممثل المملكة العربية السعودية في اليونسكو في الجلسة التي خصصت لمناقشة واقع اللغة العربية على المستوى الدولي، وقد احتوت الوثيقة على 20 بندا ومنها البند 18 اليوم العالمي للغة العربية، وقد خرجت توصيات المؤتمر باعتماد العشرين بندًا التي نصت عليها الوثيقة التي حملت عنوان «اللغة العربية في خطر الجميع شركاء في حمايتها»، وهي موثقة في وثيقة بعنوان «تاريخ إنشاء اليوم العالمي للغة العربية» واليوم العالمي للغة العربية كما اقترحناه ووضعنا التصور الخاص به يختلف عن التطبيق الحالي، وبالرغم من الأهمية العالمية لهذا اليوم ولكنه تم تحويله إلى احتفالية ومناسبة تمر بشيء من الضجيج والفلاشات والصور واستعراض بعض الجهود الضعيفة، ويمر بعدها مر الكرام، وكأن شيئاً لم يكن، دون أن يكون هناك منتج ونتائج سوى الاحتفال باللغة العربية وعقد ندوات وكلمات وشعارات غير كافية، وكان المفروض أن يكون اليوم العالمي للغة العربية يوم تقييم ومراجعة لوضع اللغة في البيت والمدرسة والإعلام وسوق العمل وعلاقتها بالترجمة والتخصصات والعلوم والمعارف والصناعات المختلفة، ومستوى الهوية والولاء والانتماء والشخصية عن الفرد في كل دولة عربية، إضافة إلى التعرف على ما تم من سياسات وخطط ومشاريع وقرارات وغيرها من الأعمال التي تضمن تعميق الفهم باللغة العربية وتمكينها في مؤسسات الدولية الوطنية المختلفة، ونشرها والعمل بها في جميع المؤسسات الحكومية والأهلية وغيرها، ولا يزال اليوم العالمي بحاجة إلى وضع استراتيجية عالمية يشارك فيها الجميع لجعل اللغة العربية في المكان التاريخي الذي يليق بها بصفتها لغة كونية وعالمية تتفوق على جميع اللغات مهما حاول الكثيرون من التقليل من مكانها ومن أهميتها بهدف ضرب كل ما يقوم عليها من هوية ووطنية وولاء وانتماء وتعزيز للتبعية والتغريب وفصل الناس عن ثوابتهم ومرجعياتهم وقيمهم وأخلاقهم وأنظمتهم الوطنية والطعن في نسبهم إلى لغتهم العربية التي يستمدون منها وجودهم.
** **
@ali_s_alq