الفانتازيا في اللغة اللاتينية تعني»الخيال»، وبمرور الزمن - خصوصًا مع كتابات شيكسبير وجون ملتن- أصبحت الكلمة تعني أيضًا «نتاج الخيال»، وفي النقد العربي الحديث ارتبط الأدب الفنتازي بالنصوص السردية التي تقوم بصياغة الواقع بشكل غير مألوف وغير منطقي؛ وتعتمد على العوالم الخفية والبطولات الخارقة، وقصص الرعب الممتزجة بالفولكلور الشعبي؛ بدءاً من قصص «ألف ليلة وليلة» الأسطورية، و«جلجامش»، و«الشاهنامة»، والحكايات الشفهية المتوارثة بين الأجيال وحواديت الأمهات والجدات؛ إذ كانت العوالم الخفية الممتزجة بالفولكلور الشعبي عنصرًا أساسيًا في كتابات عربية،
وبرزت في تراثنا العربي كتبٌ في ذات السياق الفنتازي مثل كتاب «ألف ليلة وليلة». وكتاب «التيجان في ملوك حمير»، هو كتاب عن سيرة وقصص ملوك مملكة حمير رواها محمد عبد الملك بن هشام في القرن الثالث الهجري أو 14 الميلادي… وغيرها من الكتب التي شكلت أساس هذا الفن الروائي الفانتازي الذي ظهر بشكل مميز في الآونة الأخيرة، وأصبح له جمهورها العريض.
وطرقت الروائيات السعوديات أبواب رواية الفنتازيا باقتدار ؛ حيث تُعد الروائية السعودية هتون باعظيم من أوائل مَن كتبت في روايات الخيال العلمي؛ حيث بدأت كتابة سلسلة مجموعة رواياتها (الخفي المجهول) في عام 2003م وانتهت من كتابتها عام 2006م وهي لا تزال شابة (16 عاماً). وكتبت باعظيم ما يمكن أن نسميه رواية خيال علمي، وقد أصدرت روايتها الأولى بعنوان (فتاة القرن) العام 2007م، والرواية الثانية (انتقال القوى) هي الجزء الثاني من سلسلة (الخفي المجهول)، وهي رواية مكمّلة للرواية الأولى، تتوجّه إلى الشباب وخاصة منهم الذّين تدهشهم روايات الخيال العلمي.
وبرزت الروائية د. ناديا الشهري في روايات الفنتازيا؛ حيث تعد من أوّائل من كتب في روايات الرعب في روايتها (موت قبل الميلاد)والتي نشرتها في 2010م وروايتها (لا أحد يفسد متعتي) 2013م. وهي أيضاً من أوائل من كتب سلسلة مغامرات عربية عن قراصنة البحر وذلك من خلال سلسلة (بيزارو وقراصنة البحر).
والشهري مؤلفة وباحثة وشاعرة وصحفية ومدربة، وخبيرة علم الفراسة الفيسونومي والإسترولوجي (فلك) وعلم الأسماء والطاقة، وكل ذلك ربما ساهم في اتجاهها لهذا النوع من الفنتازيا التي أُشتهرت بها.
أما أول من كتب في الروايات الخيالية والكوميدية هي سلوى الغامدي؛ حيث نشرت (جزيرة الرعب) عام 2012م، و سلسلة (صراع الجبابرة) عام 2012م، والتي طبعت عدة طبعات، وتتحدث الرواية عن الشاب الشجاع «طارق» الذي يصادف في إحدى رحلات الغوص بيضة كبيرة الحجم، تمضي الأيام وتفقس البيضة ويخرج منها طائر رائع الجمال، يزداد حجم الطائر بشكل كبير ويكتشف في إحدى رحلاته أن لديه أسرة بحاجة لمساعدته ويعرف أنه ابن ملك جزيرة النور، يسافر الطائر «أمين» لينقذ مخلوقات جزيرته من الأعداء ويذهب «طارق» معه وكان عليهما أن يقطعا سبع جزر مخيفة، يتمكن «طارق» بعد قتال شرس من تجاوز الجزر السبع.
ونشرت الغامدي كذلك(سر الكهف) 2016م وغيرها مثل (الشبح)، و ( الكابوس) واللتان نشرتا عام 2019م.
وفي الخيال والرعب كتبت أيضاً الروائية السعودية موضي محمد الغراء رواية (طارش) 2017م، وتحكي الرواية قصّة أحد أمراء الجن وهو يعمل طبيباً في وادي عبقر في القرون البعيدة. وبعد عاصفة شديدة يجد نفسه قد انتقل إلى المستقبل وتقوده الأحداث إلى لقاء «آسية» تلك الطفلة الّتي تستطيع رؤية الجن والأشباح.، كما نشرت أيضاً في إطار الأدب الفنتازي رواية (حورجان) 2018م، وهي تتحدث كذلك عن العوالم الخفية.
والروائية عبير قاري في روايتها (مستنسخ) 2017م، تتحدث في قالب فنتازي عن شخصية الدكتور/ سالم عابد، طبيب مهاجر من الخليج العربي إلى أمريكا، اخترع وسيلة علاج للعقم عن طريق الاستنساخ.
ابنته ذات السبعة عشر ربيعاً تقتل فجأة وتسجل القضية ضد مجهول. تقع في يد د. عابد عينة من جينات قاتل ابنته، فيستنسخه في إحدى مريضاته، جارته هالي. بعد تسعة أشهر يولد جاستن، مستنسخ قاتل ابنته. يراقب الدكتور هذا الولد لأنه يعرف أنه، يوماً ما، سوف يرى فيه وجه قاتل ابنته، والرواية تصنف ضمن روايات الخيال العلمي.
والروائيّة آمنة صدقي بو خمسين نشرت رواية (دنيا مقلوبة) 2017م، وهي رواية اجتماعية يغلب عليها طابع الخيال العلمي.
وفي الخيال والميتافيزيقيا كتبت الروائية شريفة محمد رواية (جاثوم) 2014م، وهي رواية نفسيّة تجنح إلى الخيال الذي لا يمت للواقع بصل مباشرة. وكتبت أيضاً الروائية مرام الحميد رواية (لما استيقظ حلمي) 2016م، وهي تتحدث عن قصة اجتماعيّة في قالب خيالي لمريضة نفسية بالاكتئاب، وأيضاً رواية (المسخ) 2018م للروائية ولاء أبو غندر، وتدور أحداث هذه الرواية للعام 2040م؛ حيث ولد «لوكاس» في ظروف غامضة؛ ليجد نفسه مسخاً صنعته عقول غرقت في طوفان العلم والمادة. وكان عليه أن يكمل تدفق هذا الطوفان ولكنه اختار طريقاً آخر لتعيش معه أحداثاً مغايرة.
كما تصنف سلسلة روايات غادة أحمد (القمر الأحمر) 2018م ضمن الروايات الخيالية، وهي روايةٌ ضخمة وسلسلةٌ من عِدَّة أجزاء، تُصور الحياة بين البشر و»غير البشر»، صراعاتٌ نفسية، مكائدُ ومؤامرات، حروبٌ دموية، حقدٌ وانتقام، أساطيرُ ونبوءات، وأسرارٌ محيّرة، وتدور أحداثها في القرن السابع عشر في مملكةٍ خيالية تدعى «بانسيلينوس» وتعني «القمر».
ويظل هذا النوع من الأدب يستهوي القراء بقدرته على التحليق بهم في عالم من الخيال والمغامرات المرعبة، ويظل المتلقي العربي ميداناً لمزيد من الإبداعات الأدبية التي تتأثر بالتجديد دون مغادرة تاريخها الذي انطلقت منه.
** **
د.منيف الضوّي - مؤلف كتاب «تاريخ الرواية النسائية السعودية»