الثقافية - سارة العَمري:
انطلق الجدل في منصات التواصل الاجتماعي من ورشة العمل التي أعلنت عنها الروائية رجاء الصانع بعنوان «كيف نحول الأفكار إلى قصص؟»، ثم اتسعت دائرة النقاش ليشارك فيها الجمهور الذي تساءل: كيف لكاتبة غابت عن المشهد الأدبي نحو عشرين عامًا وهي صاحبة إصدار واحد أن تقدِّم ورشة في الكتابة الإبداعية؟ حيث رأى بعض النقاد أن الخبرة لا تُقاس بعدد المؤلفات، بينما أكَّد آخرون أن الورش تقوم على التراكم الفني!
لتتفاقم شرارة النقاش، حيث عاد ملف «بنات الرياض» إلى الواجهة من جديد بعد منشور كتبته الصانع حول حضور روايتها في جامعات عالمية، وهو ما عدَّه متابعون إشارة مباشرة للآراء النقدية، في حين اعتبره آخرون محاولة لتثبيت الرواية في موقع رمزي يتجاوز حجمها الفني.
وفي سياق العودة إلى بدايات النقاش، نستحضر صوت الأديب الكبير والرمز الثقافي والإداري الدكتور غازي عبد الرحمن القصيبي -رحمه الله- الذي كتب في تقديمه للرواية: «في عملها الروائي الأول، تقدِم رجاء الصانع على مغامرة كبرى، تزيح الستار العميق الذي يختفي خلفه عالم الفتيات المثير في الرياض، وعندما يزاح الستار ينجلي أمامنا المشهد بكل ما فيه من أشياء كثيرة، مضحكة ومبكية، وهذا عمل يستحق أن يُقرأ، وهذه روائية أنتظر منها الكثير»، ويسهم رأي د. القصيبي في إضاءة جانب من التفاعل النقدي المبكر مع الرواية، قبل أن تتسع دوائر الجدل حولها في السنوات التالية؛ وأشار عدد من النقاد إلى أن إدراج الرواية يتم غالباً في مساقات السوسيولوجيا الثقافية، بينما اعتبرها الآخرون رواية تعكس مرحلة اجتماعية.
ومع اختلاف الأصوات يتضح أن الجدل تجاوز الرواية ليصل إلى معايير الذائقة الثقافية ودور الأدب السعودي في تمثيل تحولات المجتمع، وعلى الرغم من تجاوز النقاشات حدتها إلا أنها تمثِّل جزءًا من الحركة النقدية التي تعيد صياغة وعي القراء والكتَّاب، وتسهم في توسيع دائرة الحوار حول طبيعة الأدب السعودي ومسارات تطوره، وموقع الأعمال في الذاكرة الثقافية بعد مرورها بتحولات في المشهد الإبداعي.