أعلن الدكتور إبراهيم المطرف عن صدور كتاب «قراءة في فكر ملك» بإصداراته العربية والإنجليزية والفرنسية. ويشير المؤلف بأنه قد تشرف بلقاء المليك سلمه الله وأهداه النسخة العربية من الكتاب، ونقل لمقامه الكريم رغبته الكبيرة جداً في ترجمة الكتاب للغتين الإنجليزية والفرنسية، لإعطاء غير الناطقين بالعربية فرصة التعرف على إنجازات المليك، وحيث لمس وهو يقف بين يديه استحساناً وقبولاً لفكرة الترجمة، فقد سارع وأنجزت الإصدارات باللغات الثلاث، ويسعى لوضعها في القريب ان شاء الله، بين يديه ويدي سمو ولي عهده الأمين سلّمهما الله.
ويقول المؤلف وكم أنا سعيد أيضاً، بأن الإصدارات تمثل إنتاجاً فريداً من نوعه، لكون الإصدارات باللغتين الإنجليزية والفرنسية، وهي إصدارات حظيت بالكثير من القبول والثناء.
ويقول المطرف بأنه سعى على توثيق الكتاب بالكلمة والصورة معاً من خلال فهم ومنهج علمي، ودقيق، متناولاً القرارات التي أصدرها الملك سلمان، ليطور آليات الحكم، ويعدها للمستقبل، كما رصد أيضاً أداء المليك سلمه الله في حركة سياستنا الخارجية، وهو أداء عبر عن موقف الملك من المتغيّرات، وجسد رؤيته عن التحديات.
أما مجيء الملك سلمان للحكم، فكان لحظة تاريخية هامة جداً، ليس في تاريخ المملكة فحسب ولكن في تاريخ المنطقة والإقليم، وربما في تاريخ عالمنا المعاصر، فالعالم كان يواجه مشهدا نوعيا في الكثير من متغيّراته وتحدياته.
ومن هذا المنطلق، كان لزاماً - يقول المؤلف - أن أتتبع مواقف وقرارات الملك سلمان، في محاولة لتحليل مضمون خطاباته، واستخلاص توجهاته، واستشراف إستراتيجياته. فقد عبرت قرارات الملك سلمان، وخصوصاً في الأشهر الأولى من حكمه، عن حضور المملكة في تلك اللحظة التاريخية، ومجالاتها الجيوسياسية. وتوجهاتها المستقبلية، في لحظة كانت متلاحقة المتغيرات، كانت تموج بالصراعات والحروب، وتمر بمرحلة بالغة التعقيد، ما تطلب إرادة سياسية قوية.
وجاء الملك سلمان على موعد مع التاريخ وبإرادة سياسية قوية، نتج عنها العديد من الاستحقاقات، التي واكبت تطلعات شعبه واستنهضت نداءات أمته.
ولم تكَدْ تمضي عشرة أيام، على تولي الملك سلمان مقاليد الحكم، حتى بدأت وسائل الإعلام الدولية تتداول رأي الأمين العام للأمم المتحدة، في أداء الملك سلمان، فقد قال الرجل، أن سلمان أنجزَ في عشرة أيام أعمالاً يقوم بها الزعماءُ الجدد، خلال مائة يوم.
فماذا عن المائة يوم الأولى في حكم سلمان؟ بلغة الأرقام، أصدر الملك في نحو أربعين يوماً أربعة وأربعين أمرا ملكيّا، في إعادة لترتيب البيت من الداخل، شملَت معظمَ أركان الدولة والحكم؛ فمن مجلس الوزراء تغييرا في الحكومة، إلى الهيئات السياسية، مروراً بالأجهزة الاقتصادية، في تحديث لإدارة الحكم، وعصرنة لأساليبها وأدواتها، وقد جاء التحديث مواكباً لتلك اللحظة التاريخية، مجاريا لنداءات داخلية وملبيا لاستحقاقات حتمية.
ومن القرارات الملكيّة المهمة في إطار ترتيب البيت من الداخل، إنشاء مجلس للشئون السياسية والأمنية الذي أسس في ظل متغيرات، وانهيارات سياسية وأمنية على مستوى واسع ونحو غير مسبوق.
وقد جاء المجلس بنقلة نوعية، عززت الأداء المؤسسي في صناعة القرار، وفعلت دور السلطة التشريعية والتنفيذية، في توجه من المليك يحفظه الله لبناء ملامح أكثر شفافية، لسياساتنا الخارجية والدفاعية والأمنية، وردّا وطنياً على تلك الإنهيارات والمتغيرات، التي أفرزت تحديات مباشرة لأمننا الوطني.
ومن الأهمية الإشارة هنا عن حقيقة أن مجلس الشئون السياسية والأمنية عبر عن نظرة ثاقبة للملك سلمان اتسمت بقراءة للواقع واستشراف للمستقبل. ما جعل المراقبين للشأن السعودي يؤكدون وجود تغيّر رئيس في توجهات المملكة، منذ صعود الملك سلمان لسدّة الحكم، وقد رصد المعني منهم بالتغيرات الجيوسياسية، حضورا قويا وفاعلا للعلاقات السعودية الدولية.
هناك الكثير مما يمكن قوله عن علاقة الملك سلمان بالرياض، وهنا لابد من التأكيد، على أن النهضة الكبرى التي تعيشها الرياض اليوم، لم تكن قفزة سحرية، ولم تأتِ بين غمضة عين وانتباهتها، بل كانت حصادَ عمل وجهد متواصل، حتى باتت الرياض، هي الرياض التي نراها اليوم، خريطة واضحة المعالم، وحاضرة تنافس أرقى عواصم العالم، وهو ما يشهدُ لأمير الرياض سلمان بن عبدالعزيز، الذي تسلم زمامها، وارتبط اسمه بها، وباتت تحتل مكانة خاصة لديه، ومثلت جزءاً لا يتجزأ، من تاريخه وسيرته، فهو سلمه الله الذي قال «تاريخ الرياض جزء من حياتي، عايشتها بلدة صغيرة، وعاصرتها حاضرة عالمية كبرى».
ولقد قيل وكتب الكثير عن الملك سلمان، ودائماً ما يوصف سلمه الله بأنه أحد أهم أركان العائلة المالكة وأنه أمين سر العائلة، وأنه المستشار الشخصي لملوكها. وقد وضعت الملك سلمان في تلك المكانة حكمته، وموسوعية ثقافته، وثراء إطلاعه.
وبالإضافة لمن كتب أو تحدث عن الملك سلمان، هناك من حاول التعامل مع الإنسان في شخصيّته، فكل يرى سلمان من زاوية، أو يرى سلمان بحسب موقف أو يرى سلمان من خلال تجربة، فقد إحتوت شخصيته يحفظه الله، العديدَ من الجوانب والملامح الجاذبة.
ومن أكثر ما لفت نظري -يقول المؤلف- عن ملامح سلمان، ماجاء على لسان معالي وزير الإعلام السابق الدكتور محمد عبده يماني يرحمه الله عندما خاطب أمير الرياض سلمان آنذاك قائلًا: «أصحاب السمو الملكي الأمراء سلمان بن عبدالعزيز»، مشيراً إلى أن سلمان، يمتلك قدرات وإمكانات نخبة من الرجال.
ويقول المطرف: كنت على يقين، وفي وقت مبكر من العمل بأن استعراض نهج سلمان، وسيرته وإنجازاته سيحتاج لآلاف الصفحات، وقررت أن أنطلق في جهدي، من أن ما لا يدرك كله، لا يترك جله، ووضعت والحمد لله أولاً وآخراً بين يدي سلمان محاولة، استعرضت فيها عطاءاته.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز رجل دولة استثنائي، أصيل في شموخه، وأصيل في مناقبه، وأصيل في سيرته، نسأل الله أن يبارك لنا في عمره، وأن يعين سمو ولي عهده ويسدد خطاه، إنه سميع قريب مجيب الدعاء.