هذا تفريغ لإجازة علمية مهمة ونادرة لم تنشر من قبل؛ كتبها الشيخ عبد القادر العارضي ثم البصري الحنبلي (ت بعد 1095هـ/1683م) لتلميذه الشيخ سعد الدين البابلي؛ في شهر جمادى الآخر من سنة 1077هـ، الموافق لشهر ديسمبر من سنة 1666م، وقد احتوت هذه الإجازة على فوائد عديدة من أهمها: ذكر أحد طرق علماء نجد في تلقي الفقه الحنبلي؛ مسلسلاً حتى إمام المذهب أبي عبدالله أحمد بن حنبل.
فقمت بالتعريف المختصر برجال سند البصري في الفقه الحنبلي، مع بعض التعليقات والإيضاحات المهمة.
«بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي قبل الصحيح والحسن من الأقوال والأعمال ورد الباطل والقبيح والمنكر من المقال في جميع الأحوال، وحفظ دين نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من النسخ والقلب والتحريف في الأعمال والأقوال؛ بأئمة جهابذة نقاد لما أدرج في الاسناد والمتن من الاعلال، وجعلهم مميزين للقوي والضعيف والموصول والمنقطع والمرفوع والموقوف والاعضال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله وأمينه على الإرسال، فصلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب وآل.
أما بعد فقد التمس مني الفاضل المحقق الشيخ سعد الدين البابلي لازال محروساً بعين عناية الله سبحانه وتعالى؛ أن أجيزه ما جازت لي روايته من حديث وتفسير وأصول وفقه وعربية وأدب؛ فأجزته بذلك، وما في ثبتي المتقدم الذي كتبه لي شيخنا الإمام الحافظ الناقد أبو الفلاح عبد الحي بن الشيخ أحمد بن الشيخ محمد العمادي المصري الأصل الشامي الفرع الحنبلي مذهباً والأثري نسباً، لازال محروساً بعين عناية الله، وأجزته أيضاً بطريقة فقه الحنابلة... فنقول وبالله التوفيق نروي فقه الحنابلة عن شيخنا المذكور وهو عن شيخه محمد بن إسماعيل الجراحي، وهو عن شيخه وخاله الشيخ أحمد المشرفي، وهو عن شيخه شهاب الدين أبي العباس أحمد بن يحيى التميمي، وهو عن شيخه شهاب الدين العسكري، وهو عن شيخه علي بن سليمان المرداوي، وهو عن شيخه تقي الدين أبوبكر ابن قندس، وهو عن شيخه علاء الدين ابن اللحام، وهو عن شيخه الحافظ أبي الفرج زين الدين عبدالرحمن بن رجب البغدادي، وهو عن شيخه علامة الدنيا شمس الدين ابن قيم الجوزية، وهو عن شيخه إمام الدنيا شيخ الإسلام والمسلمين علم الأعلام وبحر العلوم العقلية والنقلية تقي الدين أبي العباس أحمد ابن تيمية، وهو عن شيخه شمس الدين ابن أبي عمر، وهو عن عمه موفق الدين، وهو عن ابن المِنيَّ، وقطب العارفين الشيخ عبد القادر الكيلاني، وأبي الفرج ابن الجوزي، والثلاثة عن أبي الخطاب، وابن عقيل، وأبي بكر بن الدينوري، وهم عن القاضي أبي يعلى الكبير، وهو عن ابن حامد، عن أبي بكر عبد العزيز، عن الخلال، عن المروذي، عن إمام المسلمين أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، وهو عن جماعة منهم سفيان ابن عيينة، ومحمد بن إدريس الشافعي، والقاضي أبي يوسف، أما سفيان بن عيينة، فقد أخذ الفقه عن عمرو بن دينار التابعي، وأما الشافعي فقد أخذ الفقه عن مالك، وأما أبو يوسف فقد أخذ الفقه عن أبي حنيفة، ومالك أخذ الفقه عن الزهري، وربيعة، ونافع، وأبو حنيفة أخذ الفقه عن حماد بن أبي سليمان، والحكم بن عتيبة، وعطاء بن أبي رباح، وكل من مشايخ مالك وأبي حنيفة وعمرو بن دينار أخذوا الفقه عن عبدالله بن عمر، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما وعن أبويهما، وهما عن خاتم النبيين وإمام المتقين محمد عبدالله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما.
وأجزته بطريق الشيخ عبد القادر، فإني أروي الغنية وغيرها من كتب ... للشيخ عبد القادر عن الشيخ عبد الحي، عن الشيخ عبد الباقي، عن الميداني، عن ... عن ابن حمزة الهاشمي، عن ابن عبد الهادي، عن الصلاح بن أبي عمر، عن ... عن قطب العارفين أبي محمد عبد القادر الجيلي، قال ذلك بفمه الفقير إلى رحمة ربه عبد القادر البصري، حامداً مصلياً في جمادى الآخر سنة سبعة وسبعين وألف».
** **
- علي الصيخان