الثقافية - كمال الداية:
استضاف مقهى أدب في الرياض ليلةً ثقافيةً نوعية، اجتمع فيها الحوار والتاريخ والثقافة، وذاكرة الصالونات الأدبية السعودية، خلال أمسية أدبية خُصصت للحديث عن جوانب من حياة الرواد السعوديين قدّمها الكاتب والباحث في التاريخ الثقافي سهم الدعجاني، وجاءت بعنوان «هكذا حاورت هؤلاء».
وشهد اللقاء حضور نخبة من المثقفين والأدباء والإعلاميين والمهتمين بالشأن الثقافي وتأريخ رموز الثقافة السعودية، واتكأت على حوار مفتوح قاده الأستاذ الإعلامي المعروف الأستاذ عبدالله الضويحي بحسٍ ثقافي وتأريخي مختلف؛ إذ افتتح اللقاء كعادته واقفا تقديرا لحضور رموز الثقافة السعودية المعاصرة، ثم أعطى الضيف فرصة أن يتحدث باختصار عن كتابه « حاورت هؤلاء « الذي صدر حديثا عن دار الثلوثية وقدمه الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة مستعرضا نشأة فكرة الحوار مع رواد الحركة الأدبية السعودية قبل عدة سنوات، أمثال : الشيخ حمد الجاسر والشيخ عبدالله بن خميس والأستاذ عثمان الصالح والفريق يحيي المعلمي والشيخ عبداللطيف البابطين والدكتور محمد الربيع والشيخ عبدالله بن ادريس والدكتور ناصر الرشيد والشيخ أحمد المبارك وغيرهم، إلى جانب التوقف عند البعد التاريخي والثقافي لهذه الشخصيات ودورها في المشهد الثقافي السعودي وما تنطوي عليه من دلالات ثقافية تتجاوز حدود المكان والزمان ، كما رسم خارطة حضور هؤلاء الكبار من خلال مجالسهم المفتوحة التي وجد فيها الشباب آنذاك روح العلم والعلماء، وقد دعا الدعجاني إلى دراسة نتاج وإرث تلك الصالونات الأدبية لمعرفة التحولات الفكرية والثقافية التي مر بها المجتمع السعودي خلال السنوات الماضية.
وتوقف الدعجاني عند شخصية الشيخ حمد الجاسر – رحمه الله – في البداية، حيث سلط الضوء على العلاقة التي تربط علامة الجزيرة بالملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- مستشهدا بعدد من أقوال خادم الحرمين الشريفين التي قالها عن الجاسر -رحمه الله- ثم استعرض معالم من حياة علامة الجزيرة من خلال بعض الذكريات :
علاقة الجاسر بالتعدين التي بدأت قبل 81 عاما، مراسلاته الشخصية مع علامة الجزيرة التي مازال يحتفظ بها، بعض الشخصيات العلمية التي تحضر ضحويته، شهادة حمد القاضي عندما قال : أصبحنا نقرأ أخبار ضحوية الجاسر في «الندوة «، ثم تحدث عن الأديب الرائد عبدالله بن خميس رحمه الله عندما حاوره في منزله بالرياض ثم استمر الحوار في مزرعته عمورية بضاحية « العمارية « بالرياض، وكيف كان ابن خميس يبتهج عندما يتحدث عن جبل طويق فيردد بيته الشهير:
ألهمتني يا طويق كل شاردة
تضيق عنها ترانيمي وأشعاري
كما أشار إلى عدد من المواقف والذكريات مع الأستاذ عثمان الصالح - رحمه الله- صاحب الاثنينية الشهيرة التي استضافت العديد من الشخصيات الثقافية والاجتماعية، منها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين عندما تحدث عن تجربته في هيئة السياحة آنذاك، عندما كان سموه يشغل منصب رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالمملكة وغيره من الأدباء الكبار، أمثال الشيخ عبد الله بن خميس والشيخ عبد الله بن ادريس، ثم تطرق إلى بدايات تأسيس مركز سعود البابطين الخيري للتراث والثقافة بالرياض من خلال حواره الشامل مع الشيخ عبداللطيف البابطين جابر عثرات التراث.
وقد أضفت أجواء مقهى أدب وجدرانه المزينة بصور الأدباء والفلاسفة من مختلف العصور، أجواء من دفء وأناقة وهدوء، تحفها نسمات خريفية هادئة ورائحة القهوة التي امتزجت بإيقاع الحكاية التوثيقية للكبار، فتحول اللقاء إلى مسامرة ثقافية في حضرة الرواد أمثال الأستاذ عثمان الصالح الذي يقول المحاضر أنه بفضل اثنينيته الشهيرة تعرف على العديد من الأدباء والمثقفين من رواد الاثنينية، وكذلك ضحوية الجاسر التي كانت مزارا لضيوف مدينة الرياض من المثقفين والمفكرين آنذاك.