يمثّل كتاب: «بنات الرياض لرجاء الصانع بين رهان الإبداع وتناهج المباشرة قراءة الاختلاف.. دراسة تحليلية ونقدية لرواية (بنات الرياض) لرجاء الصانع»، ويحتوي على مقدمة معمقة تتناول مفهوم الإبداع ورهاناته، بالإضافة إلى تفاعل الفنون وتداخل المناهج النقدية في تحليل الرواية.
يتناول الكتاب فيها مسألة الإبداع الأدبي والتجديد في الكتابة، مسلطًا الضوء على مفهوم «تداخل الفنون» في الرواية.
ويعتمد على فكرة «التناهج» (Interméthode) في تحليل العمل الأدبي، أي دمج وتفاعل مناهج نقدية متعددة لفهم ظاهرة الإبداع في «بنات الرياض».
ويعالج قضايا الأدب السعودي الحديث، خاصة فيما يتعلق بكتابة المرأة ورهاناتها الفكرية والإبداعية.
وفي الفصل الأول: إشكالية المصطلح، يناقش مفهوم الإبداع لغويًا ومصطلحيًا، متتبعًا تطوره في الفلسفة والنقد الأدبي.
ويحدد الإبداع عبر خمسة شروط رئيسية: الموهبة، الثقافة، الاختراع، عدم التوقع، والمعاناة.
ويربط بين الإبداع والرهانات الأدبية الحديثة التي تسعى إلى التحرر من القوالب التقليدية الجامدة والأفكار الثابتة.
أما الفصل الثاني: إشكالية المنهج، فيقدم المؤلّف مقاربة «المباشرة التناهجية الفومقامية»، وهي منهجية نقدية تجمع بطريقة تأليفية وتفاعلية بين مناهج متعددة لفهم العمل الأدبي من زوايا مختلفة. وهي مناهج استدعتها الرواية ولم تُفرَض عليها من الخارج.
ويرفض المؤلّف التحليل الأحادي للنصوص، مشيرًا إلى ضرورة تفاعل الأدوات النقدية المختلفة لتحقيق قراءة أعمق وأنجع.
ويحلل المؤلّف استراتيجيات الحجاج في الرواية، مبينًا كيف تعتمد الكاتبة على آليات الحجاج الجدلي والتعليمي والسجالي لطرح أفكارها التنويرية ومحاولة الإقناع بوجاهتها، والدعوة الضمنية للمصادقة عليها.
التحليل المنهجي لرواية «بنات الرياض»
يوضح المؤلّف – بطريقة علمية - كيف تمثل الرواية «فنًا جامعًا» يتجاوز حدود الأجناس الأدبية التقليدية، من خلال تفاعل عناصر فنية من المسرح والسينما والموسيقى والفنون التشكيلية.
ويناقش أسلوب الرواية في السرد والتوثيق باستخدام تقنية «الإيميلات» أداةً سردية تعكس نبض المجتمع السعودي.
ويحلل الخطاب النسوي في الرواية، مركزًا على قضايا المرأة السعودية وعلاقتها بالمجتمع والتقاليد.
الرهانات الفكرية والإبداعية في الرواية
يرى الكتاب أن «بنات الرياض» تمثل انعكاسًا للمتغيرات الثقافية والاجتماعية في السعودية، خاصة مع تطور رؤية 2030 التي تدعم الفنون والإبداع.
يناقش كيف تجاوزت الرواية القيود المفروضة على الكتابة النسوية، وخلقت جدلًا نقديًا واسعًا حول حرية التعبير.
ويشير المؤلّف إلى الكيفية التي تفاعلت فيها المناهج النقدية الحديثة المختلفة مع الرواية، وكيف انقسمت الآراء بين مؤيد لجرأتها في التفكير ومنتقد لأسلوبها في التعبير.
يؤكد المؤلّف في خاتمة الكتاب التأليفية على أهمية قراءة الأعمال الأدبية من زوايا متعددة، وعدم الاكتفاء بمناهج نقدية تقليدية أو أحادية.
ويشدد على أن الإبداع الحقيقي يتطلب كسر الحدود بين الأجناس الأدبية وتبني أساليب سردية وأدوات تواصلية وتعبيرية جديدة، منها الإيميلات.
ويدعو إلى مراجعة النظرة السائدة للأدب النسوي السعودي، والتعامل معه بوصفه جزءًا من الحراك الثقافي الأوسع.
ويربط المؤلّف بين الأدب والفنون والنقد والمجتمع، مقدمًا تحليلًا منهجيّاعميقًا لرواية «بنات الرياض» من خلال عدسة نقدية متعددة الزوايا، متنوّعة الأبعاد.
يقدم هذا الكتاب قراءة لبنات الرياض علمية بتصورها النقدي والفكري العام، جديدة بمنهجها، طريفة بنتائجها غير المسبوقة.فشكرا للمؤلف الذي أنصف هذا النص الإبداعي، ورد له اعتباره، وأقر بأدبيته، واستكنه أبعاده الخفية والقصية.
** **
- د. صغير بن علي آل عامر